ذكريات شاعر مناضل: 59- وكشفنا ما به من ضر

59- وكشفنا ما به من ضر

 بعد أيام قليلة، أخبرنا أحمد صالح، مأمور المعتقل، بأنه سيتم ترحيل سائر المعتقلين بالمعتقل، وأنا منهم، فى ذلك المساء، إلى جهة إدعى أنه لا يعرفها، وعلينا أن نستعد لذلك.
طلبت مقابلة المأمور فى غرفته، وعندما قابلته طلبت منه أن يؤدى لى خدمة لن أنساها له، ثم طلبت منه أن يتصل بالتليفون على رقم منزل يوسف صديق، وأن يبلغهم بنبأ ترحيلى، فوافق الرجل، وطلب الرقم الذى كنت قد أعطيته له، وردت علية شقيقتى، فأبلغها الخبر، بعد أن أضاف إليه أن الترحيل سوف يتم إلى معتقل جبل الطور. وشكرته جزيل الشكر على شهامته، وعدت إلى العنبر، لأعد عدتى للرحيل.
فى حوالى الساعة الادسة، أنزلنا من معتقل روض الفرج، إلى سيارة أتوبيس سياحى، وكل اثنين منا مقرونين بالكلبش معاً، بينما تولى بعض جنود الشرطة حمل حقائبنا إلى موضعها فى الأتوبيس. وكانت هناك سيارات جيش بكل منها ضابط وبعض الجنود، وتحمل مدفعاً رشاشاً مصوباً إلى الحافلة. ثم تحرك الأوتوبيس، وسيارات الحراسه فى طريقها من حى شبرا إلى ميدان باب الحديد ومنه إلى شارع الملكة نازلى، فى الطريق إلى مصر الجديدة، وكان هناك زحام فى الميدان، والشوارع المتصله به، مما أضطر السائقين إلى الإبطاء فى سيرهم. وهنا بدأنا الهتافات المطالبة بالحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان، والمنددة بالاستعمار، والاستبداد، والدكتاتورية.
وكان المارة ينظرون إلى المشهد أمامهم، ويحاولون أن يفسروه دون أن يبدوا موقفاً مع أو ضد، مما يحدث أمامهم.
ومع تقدم الموكب فى اتجاه مصر الجديدة، بدأ المعتقلون يبدون تكهناتهم فى الجهة التى سنتوجه إليها، قال بعضهم: إنه معتقل الهاكستب فى صحراء ألماظة، وقال آخرون، بل هو معتقل أبو قير بالإسكندرية، أما أنا فجلست صامتاً إلى أن بلغنا أول طريق السويس الصحراوى، وهنا تعالت الأصوات: جبل الطور. وساد بعدها صمت مطبق، فلم يعد أحد يهتف أو حتى يتكلم، ونزلت الحقيقة المؤلمة على الجميع بالصمت. وبدأ البعض يدخل فى النوم، ويغط فى نومه بالشخير.
بلغنا مدينه السويس، ثم انحرفنا إلى طريق الميناء، وهنا لاحظت أن إحدى السيارات، التابعة للشرطة، تأتى من بعيد مسرعة وهى تحاول اللحاق بالموكب. وعندما وقفت الحافلة على رصيف الميناء، وكنا فى حالة انتظار لعملية إنزالنا، رأيت على الرصيف إحدى المدمرات الحربية، لم أتبين اسمها وفهمت أنها هى التى سوف تقوم بنقلنا إلى جبل الطور.
فى هذه الأثناء، كانت سيارة الشرطة قد وقفت إزاء الحافلة التى نركبها، ونزل منها أحد الضباط، وأشار إلى حرس الحافلة ومنهم ضابط الجيش الذى يتولى قيادة الحرس، وأدلى إليه ببعض العبارات، وبعد إشارة من القائد فتح باب الحافلة، وصع ضابط الشرطة، ووقف على الباب ينادى:
-الأستاذ محمود توفيق المحامى، يتفضل بالنزول.
وأدركت الموقف، وهو أنه قد صدرت تعليمات بإعادتى إلى القاهرة، وفهمت أن ذلك قد تم بناء على المكاملة التليفونية التى أجراها العقيد أحمد صالح لمنزل يوسف وأدركت أننى قد وضعت بذلك فى مأزق جرح، وأنه لن يكون أمام بقية المعتقلين من تفسير لوضعى، إلا أن أكون عميلاً للأمن قد دس بى للتجسس عليهم، وإن إعادتى ستكون بعد انتهاء مهمتى. وهنا تصاعد الدم إلى رأسى مرة أخرى، ووجدت نفسى أقف صائحاً فى وسط الحافلة، وأقول:
-إسمعوا ياحضرات، أنا مش جاسوس ولا حاجة، أنا لى واسطة بس.
ورأيت وجه النبيل عباس حلمى يتهلل ويردد ضاحكاً:
-واسطة، واسطة، الله الله..
كما شاهدت وجه أحمد طه، وهو يتهلل بارتياح.
ثم نزلت من الحافلة، ومعى حقيبتى، إلى سيارة الشرطة، التى تحركت لى وبجندى الحراسة الذى قيدت يده بيدى، فى اتجاه العودى، بينما كان باقى المعتقلين قد أنزلوا من الحافلة، واصطفوا طابوراً للدخول فى المدمرة.
أنتابتنى بعض الهواجس، تصورت أنه ربما تكون هناك نية لتوقف سيارة الشرطة التى استقلها فى الطريق الصحراوى، وإنزالى منها، وإطلاق الرصاص على، ثم التلخلص منى فى هذه الصحراء المحيطة. وظل هذا الهاجس يساورنى مسافة طويلة فى الطريق، وكانت كل حركة غير متوقعة تزيد من هواجسى، فرملة السيارة، الإبطاء فى السير، أى توقف، ولكنى سلمت أمرى لله، وسرعان ما أخلدت إلى النوم.
أحسست –وأنا بين النوم واليقظة- بتغير طفيف فى الأصوات المحيطة بالسيارة، وبأنوار مختلفة تلوح لى فى الطرق التى تمر بها السيارة، إلى أن صحوت من نومى، على توقف السيارة، وبالجندى الذى أرتبط ب بالكلبشات وهو يهزنى فى كتفى. وطلب منى النزول من السيارة، فنزلت. وتقدم أحد الضباط، ففك الكلبش من يدى.
ونظرت أمامى فلم أحد قسم شرطة روض الفرج، ولا المعتقل الذى كنت فيه، وإنما وجدت مبنى آخر، وبوابة كبيرة مهيبة، وبعض جنود الجيش الذين يقفون ببنادقهم شاكية السونكى إلى جانبى البوابة، ورأيت لافته صغيرة إلى جوار البوابة، من النحاس الأصفر، مكتوب عليها: "السجن الحربى بالقاهرة".
أدخلت من البوابة الكبيرة، إلى فناء كبير، على يسارة حجرة صغيرة، مكتوب عليها: "قائد السجن". وهناك تقدم القائد، فوقع باستلامى، على ورقة قدمها له ضابط الشرطة. وأدخلت حقيبتى مع أحد جنود الجيش.
تسلمنى جندى من الجيش برتبة "جاويش"، وأشار لى بالتقدم إلى مبنى على يمين البوابة مكتوب على بابه: عنبر رقم 1، وفوق بوابته كانت هناك لافته تقول: "نحن نعلمك الصبر من حيث لا تحتسب". دخلت مع الجاويش العنبر، وورائى أحد الجنود يحمل حقيبتى. سرت فى العنبر الطويل إلى قرب نهايته. وفتح الجاويش باب الزنزانه التى سأدخل فيها، ودخلت، فوجدت نفسى فى حجرة صغيرة (زنزانة) بها سرير سفرى من الحديد، عليه مرتبه ومخدة وبطانبة، ومائدة صغيرة عليها دورق ماء من البلاستيك، وكرسى وحيد. ولم يكن بالغرفة أى إضاءة، إنما كان بها بعض أشعة الضوء التى تتسلل إليها من كوة عالية تسدها قبضان حديدية.
قال لى الشاويش:
-عايز تروح الدورة؟ قلت له
-لا – متشكر.
فقال وهو يغلق الباب بمفتاح حديدى كبير.
-تصبح على خير.
وتحسست بيدى، فى الضوء الخافت، ففتحت الحقيبة، وأخرجت البيجامة، وخلعت ملابسى ووضعتها على الكرسى، ولبست البيجامة، واستقليت على السرير، ثم سرعان ما رحت فى سبات عميق.
صحوت على صوت المفتاح الحديدى وهو يدور فى قفل الباب، وعلى صوت الباب وهو يفتح، وعلى صوت الشاويش وهو يقول لى بصوت آمر:
- الدورة، يللا الدورة..
وأخذت فوطة وجهى، وخرجت، وسرت مع الشاويش إلى دورة المياه التى تقع فى نهاية العنبر.
فى الدورة، سألت الشاويش:
-اسم الكريم إيه؟
فأشار بإصبعه إلى فمه، بما يعنى: ممنوع الكلام.
ولكنى تجاهلت إشارته، ووقفت أنظر إليه مبتسماً. فقال بصوت امس:
-عويس.
وكنت أعرف أن اسم عويس، وقرنى، وزارع، هى من الأسماء المعروفة فقط فى مركز الواسطى وما يجاوره. وسألته هامساً:
-منين يا شاويش عويس؟ - فأجاب.
-من الواسطى. فابتسمت له ابتسامة كبيرة وقلت:
-وأنا كمان من الواسطى، من زاوية المصلوب، اسمى محمود، محامى.
-فأشار بيده إلى رأسه، علامة التحية. ثم عاد فأشار بإصبعه إلى فمه، بمعنى: ممنوع الكلام، وعدنا أدرجنا فى الطريق إلى الزنزانة.
فيما بعد، علمت أن الشاويش عويس كان أشرس سجان فى السجن الحربى، وكان هو الذى ضرب الشاعر كمال عبد الحليم –بعد ذلك بحولى السنه- بالكف على وجهه، فأصابه بانهيار عصبى، وبانفصام فى الشخصية، ظل يعالج على أثره بالصدمات الكهربائية على المخ عدة شهور، حتى اضطرت قيادة الثورة إلى الإفراج عنه.
فى طريق العودة إلى الزنزانة، وعند مرورى أمام إحدى الزنازين، سمعت صوتاً هامساً يقول:
-هس ، هس.
نظرت فوجدت شخصاً واقفاً فوق الباب يطل من الشراعة الكائنه فوقه، وكأنه يقف فوق الكرسى الموجود بالزنزانة. عندما توقفت أمامه سألنى:
-أنت من أى سلاح؟
أجبته:
-أنا مش ظابط، أنا محامى.
فبدت عليه الدهشة ثم قال بصوت هامس:
-أنا البكباشى حسنى الدمنهورى، من المدفعية، ومحكوم على بالإعدام، ماتعرفش هاينفذوا على الحكم إمتى؟
وشعرت بإشفاق شديد على الرجل، وهو واقف ينتظر إجابتى بلهفة، بعينية السوداوين الكبيرتين، فقلت له بثة من يعرف:
-مش هاينفذوا الحكم. اطمئن.
فازدادت دهشته، ثم قال:
-ليه؟.. عرفت إزاى؟ قلت له:
-أنا محامى، وعارف أنهم مايقدروش يعدموا ظابط، يخافوا لييجى عليهم الدور ويعدموا هما كمان.
أومأ الرجل برأسه علامة الفهم، وعلامة الشكر، وهو بين مصدق ومكذب.
وهنا كان صبر الشاويش قد نفذ، فنظر نحوى شذراً، وسعل سعلة شديدة –قائلاً:
-إحم. فسرت نحو الزنزانة.
وفيما بعد – تقابلت مع البكباشى حسنى الدمنهورى فى عدة أماكن، وفى عدة مناسبات. فى سجن مصر، ثم فى نادى الجزيرة، وفى كل مرة كان يرانى يأخذنى بالحضن، ويقول:
-تعالى ياوش الخير. كنت أنت الذى أخرجنى من الظلمات إلى النور. فى مساء نفس اليوم، وأثناء عودتى من الدورة برفقة الشاويش عويص، وأنا أمر من أمام زنزانة أخرى، سمعت نفس الهمس:
- هس ، هس.
وقفت ونظرت إلى صاحب الصوت، كان واقفاً على كرسى هو الآخر، ويطل على شراعة الباب، بوجهة الأحمر، وشعره الذى خطه الشيب. وقال:
-أنا اللوا حسين سرى عامر، قائد سلاح الحدود –سابقاً- ومحكوم على بالإشغال الشاقة المؤبدة.  وأنت؟ قلت له:
-أنا محامى، مش ظابط ولا حاجة. فقال لى:
-محامى، طيب ماتعرفش هايعملوا معايا إيه؟ فأجبته بثقة:
-هايطلعوك بعد شوية. وسأل غير مصدق:
-يطلعونى .. إزاى؟
قلت له:
-كده.
فأبتسم ابتسامة عريضة.
وعدت إلى الزنزانة، وبعد ذلك بقليل، حضر الشاويش عويس، وفتح الباب، وناولنى تفاحة كبيرة صفراء وقال لى:
-من عند سعادة اللواء .. ثم أشار بإصبعه إلى فمه، بمعنى:
-هس .. ولا كلمة.
لم يكن بالعنبر الطويل العريض الذى يشتمل على عشرين زنزانة، إلا أنا، واثنين آخرين، إحدهما محكوم عليه بالإعدام، والآخر بالإشغال الشاقة المؤبدة، ترى ماذا سيكون مصيرى أنا.
بعد يومين، جاء الشاويش عويس، وفتح الباب، وطلب منى أن أرتدى ملابسى، وسوف يأتى بعد خمس دقائق ليصطحبنى إلى القائد. وعندما ذهبت إلى القائد، قال لى: بتروح دلوقت إلى جهة أمنية مع الحرس، وهاترجع على هنا. سامع .. هاترجع على هنا. كانت فى كلماته لهجة فهمتها ولكنى تجاهلتها.
قيد يدى بالكلبش إلى أحد الجنود، وأخذت إلى سيارة جيش خارج البوابة، بصحبة ضابط واثنين من الجنود، وسارت بنا السيارة مسافة غير طويلة، حيث توقفت أمام مبنى أبيض جديد، علمت أنه مقر من مقرات المخابرات العامة. هناك أدخلت إلى غرفة حسنة التأثيث، وجدت فيها ضابطاً أنيقاً يجلس إلى مكتب فى صدارة الغرفة، ومعه ضابطان آخران يجلسان إلى جانبى المكتب. قال لى الضابط:
-أنا الصاغ أحمد محمود، من المخابرات. أنت الأستاذ محمود توفيق المحامى؟ فأجبته بالإيجاب. فأشار إلى مقعد أمام المكتب قائلاً:
-أتفضل ارتاح.
كان ضابطاً طويل القامة، معتدل الجسم، كبير العينين أسودهما، تبدو عليه مخايل الذكاء. سألنى:
-تشرب حاجة؟ فأجبته بالنفى، وقدم إلى علبة سجائره، وقال:
-تدخن؟ -فشكرته، فأشعل لنفسه سيجارة وقال:
-يا أستاذ محمود .. أنت ليه بتعادينا؟
صدمتنى الكلمة. ولكنى شعرت بالارتياح، وأحسست أن الرجل رجل صريح يحاول أن يصل إلى الحقيقة. فسألته:
-أعاديكم .. أعادى من؟
-الثورة. ووجدت نفسى أقول له فى حماس وصدق:
-أنا أعادى الثورة! تصدق بالله.. لا يوجد أحد فرح بهذه الثورة قدى، ثم وجدتنى أقول:
-ياحضرة الصاغ، الثورة دى بتاعتى أكتر ما هى بتاعتكم، أنا كافحت من أجل هذه الثورة فى أيام الحكم الملكى كفاح الأبطال، وأنا وعائلتى كلها عملنا كل ما نستطيع لقيامها وانتصارها، وأنا وزملائى، كنا أول من أعلن تأييده للثورة منذ أول يوم ليقامها. أبدى الرجل ارتياحاً ظاهراً لكلامى، ثم سألنى:
-أمال ليه بتنتقد الثورة؟ أجبته على الفور:
-أنا لا أنتقد الثورة، ولكنى أنتقد أخطاءها، لأنى اعتقد أن هذه الأخطاء موجهة إلى الثورة ذاتها.
سألنى:
-أخطائها، زى إيه؟ أجبته:
-مواقفها ضد الديموقراطية، والحريات، وحقوق الإنسان.
صمت الرجل صمتاً طويلاً، ثم نهض واقفاً وهو يصافحنى قائلاً:
-شكراً يا أستاذ محمود، أتفضل مع السلامة.
ونهضت أنا الآخر، وضغط هو على الجرس، فدخل الضابط الذى كان قد أحضرنى، فأشار إليه. واصطحبنى هذا. وعدنا إلى السجن الحربى.
فى اليوم التالى، حضر الشاويش عويس متهللاً، وأخرجنى من الزنزانة وهو يقول:
-مبروك يا أستاذ محمود، تعالى معايا.
لبست ملابسى عل عجل. وتوجهت مع الشاويش عويس إلى حجرة القائد، فوجدت هناك شخصاً أعرفه، هو الصاغ وحيد رمضان، الذى كنت أعرف أنه أركان حرب اللواء السابع الذى يقوده يوسف. وكان وحيد ممن حضروا لمقابلة يوسف بمنزلى بالزاوية يوم 15 يناير.
سلم على وحيد رمضان، وو يحتضننى قائلاً:
-مبروك يا أستاذ محمود. أنا حضرت لآخذك معى إلى منزل يوسف بك.
ووجدتنى أميل إلى المشاكسة، فقلت له:
-وماذا يضمن لى أنك ستذهب بى إلى منزل يوسف؟
فنطر إلى مندهشاً –وقال:
-يعنى إيه؟ قلت له:
-مش جايز أنا أخرج معاك من هنا، وخارج الباب يتك أغتيالى ويقال أننى حاولت الهروب من السجن؟
ضرب وحيد رمضان كفاً على كف، ثم قال:
-والعمل. ثم أضاف.
-تحب أطلب لك يوسف بك ليقول لك تخرج معى؟ فأجبته:
-نعم.
فجلس وتناول التليفون من على مكتب القائد، وطلب الرقم، ثم تحث، ثم نازلنى السماعة، فسمعت صوت يوسف وهو يتكلم ضاحكاً:
-ياسيدى متخافش، أخرج معاه.
وكان الشاويش عويس قد أحضر لى حقيبتى، وحملها أحد الجنود، وخرجت مع وحيد إلى منزل يوسف.
فى المساء، اصطحبت معى سهير، إلى الواسطى، ثم إلى الزاوية لنستأنف ما انقطع من حياتنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق