ذكريات شاعر مناضل: 17- من أين تأتى المصائب

17- من أين تأتى المصائب


  كنت من أوائل من نادوا بضرورة إدماج شركات الإنتاج السينمائى فى يكان واحد. ناديت بذلك فى اللجنة التى كان الدكتور ثروت عكاشة قد شكلها فى بدء توليه وزارة الثقافة للمرة الثانية، وأعدت التأكيد على هذا الرأى فى الترقير الذى كتبته وقدمته إليه - بناء على طبله - بع ذلك، والذى ورد ذكره فيما تقدم من هذه المذكرات. وكانت الحجة الرئيسية التى اسنتدت إليها فى هذا الرأى، فى أن هذا الإدماج هو السبيل لتلافى أضرار المنافسة غير الصحية بين تلك الشركات، والتضارب القائم بينها فى السياسات والأساليب، مما لا يتفق مع النهج المطلوب فى توحيد الجهود وتوجيهها الوجهة التى تقتضيها مصلحة الدولة.
 وقد نال هذا الرأى استحسان الوزير، وقيادات المؤسسة بحيث بدا وليس عليه خلاف. ولكن مرت أيام وأسابيع وشهور، ولم يوضع هذا الرأى موضع التنفيذ، واستمر الحال قائماً، بوجود الشركات التابعة لمؤسسة السينما - ومنها شركة كوبروفيلم التى كنت أرأسها كما هى، وبدا الأمر كما لو كانت هناك أسباب أو عقبات تنفيذية تحول دون دمج هذه الشركات.
 وذات يوم، وأثناء لقائى مع الدكتور ثروت، قال لى فى لهجة ودية وفى غاية الرقة والعذوبه:
 -يا محمود أنت تعرف شعورى نحوك، ولكنى أحب أن أبلغك بأن الشركة التى ترأسها -كوبروفيلم- سيجرى حلها، وسوف يندمج نشاطها فى شركة واحدة للإنتاج السينمائى. ولكنك ستكون فى عينى، فى كل الأحوال.
 تأثرت لمودته ورقته، وقلت له:
 -أشكرلك كريم عطفك ومروءتك، وأرجو أن تعرف بأننى سأكون دائماً تحت أمرك، ورهن إشارتك.
 والواقع أن هذا كان شعورى فعلاً تجاه هذا الرجل.
 وفى الأيام والأسابيع الالية - ورغم أن شيئاً جديداً لم يحدث على أرض الواقع، إلا أن الصحافة الفنية قد بدأت تنشر أخباراً وتصريحات وتلميحات عن هذا الأمر، وأن الوزارة بصدد إصدار قرار بحل شركات الإنتاج القائمة، ودمج نشاطاتها فى شركة واحدة للإنتاج السينمائى.
  وكان أوضح ما نشر فى هذا الشأن - فيما يخص شركة كوبروفيلم، هى أنها سوف تدمج فى الشركة الموحدة الجديدة، وسيكون نشاطها قطاعاً مستقلاً فى الشركة الموحدة، نظراً لطبيعته المختلفة عن نشاطات شركات الإنتاج الأخرى. وبدأ الصحفيون، والسينمائيون يتصلون بى لسؤالى عن صحة الأمر، فكنت أؤكد لهم.
 وكنت أسمع أن البحث جارى عن رئيس للشركة الموحدة، تكون مهمته الرئيسية هى ضبط أمورها الاقتصادية والمالية، والخروج بالقطاع العام السينمائى، من حالة الانهيار الاقتصادى والمالى، إلى بر السلامة الاقتصادية. ومن ثم فإن البحث كان ينحصر فى العثور على شخصية اقتصادية لها من الخبرة الاقتصادية والإدارية، ما يؤهلها لهذا الدور.
 ثم بدأت الإشاعات تتركز حول اسم، الدكتور عبد الرازق حسن، أستاذ الاقتصاد، والمناضل الاشتركى السابق المعروف.
 مع تزايد الإشاعات حول هذا الترشيح، أخذت التهانى تنهال على السينمائيين، الذين كانوا يرون أن مجئ يسارى، أو شيوعى آخر مسئولاً عن الإنتاج السينمائى. فيه تعزيز وتدعيم لوضعى، باعتبار أننى أنا الآخر يسارى، أو شيوعى، وأننى سبقته فى الدخول إلى هذا المجال.
 ومرت فترة لم تتخذ هذه الإشاعات فيها طريقها لا إلى الإثبات ولا إلى النفى، وبدا واضحاً أن هناك مفاوضات تجرى من وراء الستار حول هذا الأمر. وفى خلال هذه الفترة، اتضحت لى أمور لم تكن معروفة من قبل.
 لم أكن أعرف الدكتور عب الرازق حسن، ولا رأيته من قبل. كل ما فى الأمر أننى قد قرأت له بعض المقالات فى جريدة الأهرام، حول بعض الموضوعات الاقتصادية، وكانت تبدو لى مقالات لا بأس بها. زكنت أعرف عنه أنه أستاذ للاقتصاد، وأنه كان سجيناً أو معتقلاً مع الشيوعيين أثناء فترة الاعتقالات الكبرى فى سنة 1959.
 ثم عرفت أن ثروت عكاشة لم يكن يعرفه، وأن الذى رشحه له هما الزميلان حسن فؤاد وسعد كامل، إذ كان فى نظرهما تنطبق عليه المواصفات المطلوبة لمن يتسلم عهدة الإنتاج السينمائى، فى مرحلة إشرافه على الإفلاس. وكان حسن فؤاد قد التقى به فى المعتقل، وأعجب بعلمه وشخصيته، أما سعد كامل فلم يكن يعرفه من قبل، ولكنه نقل عن حسن فؤاد إعجابه به إلى الدكتور ثروت عكاشة.
 ثم علمت أن هذا الترشيح كانت وراءه صفقة ما، إذ كان الدكتور ثروت مهموماً بحالة الإفلاس المالى الذى كانت تواجهه شركات الإنتاج السينمائى، التى كانت تعيش على الاستدانة من البنوك، وأن الحل الوحيد الممكن لإخراجها من أزمتها. هى حصولها بعد إدماجها على قرض كبير من أحد البنوك العامة. وكان عبد الرازق عند مناقشته فى الأمر قد أبدى استعداده للحصول على قرض كبير من البنك الصناعى، الذى كان رئيسه المهندس حلمى مصطفى، يمت إليه بصلة قرابه، وقد أبدى استعداده لتقديم هذه الخدمة إليه، فى حالة تولية رئاسة الشركة الموحدة الجديدة. وهكذا تكاملت عناصر الصفقة:
  قرار بإدماج شركات الإنتاج السينمائى فى شركة واحدة، وتعيين الدكتور عبد الرازق حسن رئيساً لتلك الشركة، مقابل قرار من البنك الصناعى، بمنح الشركة الجديدة قرضاً صناعياً، بمبلغ مليون جنية، وهو فى ذلك الحين، كان مبلغاً يمكن أن يحل مشاكل التمويل للإنتاج السينمائى، ويخرج صناعة السينما من ورطتها.
 وكان الموقف معلقاً على صدور هذين القرارين بالتزامن: عبد الرازق ينتظر صدور القرار بتعيينه رئيساً للشركة بعد توحيدها، والوزارة تنتظر صدور قرار البنك بمنح الشركة الجديدة القرض الموعود.
 وكان عبد الرازق فى تلك الفتره يسعى إلى التعرف على أوضاع الشركة، وعلى أوضاع فروعها المختلفة. وبدأ يزور مقار هذه الفروع، وهى مقار الشركات التى ستندمج فيها. وكان منها مقر شركة كوبروفيلم. قام بزيارة لى، فى مقر الشركة بشارع قصر النيل، دخل إلى المقر ومعه شخصان، الأول أحمد المصرى الذى كنت أعرفه من قبل، والذى كان يقوم وقتها بعمل المسئول عن ستوديو مصر، والثانى لم أكن أعرفه من قبل، وهو الأخ سيد الرباط، الذى كان زميلاً لعبد الرازق فى كلية التجارة، والذى عينه بعد ذلك مديراً عاماً للشئون المالية والإدارية بالشركة الموحدة.
  دخلوا غرفتى، فرحبت بهم ثم دعوتهم للجلوس، فلم يجلسوا، وقال عبد الرازق بعد أن عرفنى بنفسه، أنه فقط يريد أن يلقى نظرة على المكان، فصحبتهم إلى باقى أرجاء الشقة، وكانت بها ثلاثة حجرات أخرى يشغلهما بعض العاملين فى شركة كوبروفيلم، وحجرتان أخريان يشغلهما الأخ حسن فؤاد، ومعه بعض معاونيه فى مركز الأفلام التسجيلية الذى كان قد أنشئ حديثاً برئاسته، وكان حسن فؤاد قد طلب منى إعارته هاتين الحجرتين لهذا الغرض فوافقت.
 لم يعلق عبد الرازق بأى شئ على نتائج هذه المعاينه، بل اكتفى بهز رأسه، بما يفيد اكتفاءه بالرؤية. ثم حيانى تحية فاترة. وانصرف. وعلمت أنه قام بالشئ نفسه فى مقر شركة القاهرة للإنتاج. التى كان يرأسها جمال الليثى، بشارع عرابى، ثم مقر شركة فيلمنتاج، التى كان يرأسها سعد الدين وهبة، بستوديو الأهرام بشارع الهرم، وانه قام بزيارة مماثلة لمقر إدارة ستوديو مصر، الذى كان يشغله محمد المصرى. وعلمت بعد ذلك أنه اختار مقر شركة القاهرة بشارع عرابى ليكون مقراً لمكتبه بعد ذلك.
 ثم صدر القرار المنتظر بإدماج الشركات، وتوحيدها فى الشركة الجديدة، وتعيين الدكتور عبد الرازق حسن رئيساً لها.
 بعدها بيومين، تلقيت مكالمة منه لمقابلته فى مكتب أحمد المصرى بستوديو مصر.
 عندما ذهبت إليه فى الموعد، رأيته جالساً على مكتب أحمد المصرى، والمصرى جالس على يمينه، وسيد الرباط جالس على شماله. قابلنى مقابلة فاترة ثم دعانى للجلوس، وبمجرد جلوسى، بدأ يلقى على موعظة عن العبء الثقيل الذى ألقى على كاهله، وكيف أن ظروف الشركة لا تسمح بأى تساهل فى الالتزام بقواعد الانضباط المالى والإدارى والاقتصادى، ثم قام بإخراج ورقة من ملف أمامه وقال لى:
 -أنك قمت بإبرام بعض العقود، وقرارات التعيين فى شركة كوبروفيلم فى الفترة الأخيرة، وكنت تعلم أن هذه الشركة سوف تحل ويدمج نشاطها فى الشركة الموحدة، التى أنا رئيسها الآن، وهذا يجعل قراراتك باطلة ولذلك فأنا اخبرك الآن بإلغائها. أما القرارات فهى:
 -كتبت عقداً بتعيين عبد القادر التلمسانى مستشاراً فنياً بالشركة. بمكافأة قدرها مائه جنية شهرياً.
 -قمت بتعيين وحيد جرانه محامياً بالشركة دون حاجة لذلك.
 -قمت بتحرير عقد مقاولة مع عبد الرحمن الخميسى للمشاركة فى تأليف نصوص مسلسل ألف ليلة وليلة، بأجر مائتى جنية عن كل حلقة.
 ثم سكت، وهو ينظر لى نظرة مستنكرة. ثم ألنى:
 -ما قولك فى كل هذه المخالفات؟
 قلت ساخراً:
 -بما أننى فى تحقيق، فأنا أطلب حضور محامى معى.
 قال غاضباً:
 -أنا باتكلم جد، مش باهزر.
 قلت له:
 -ليس فيما تقوله أى نوع من الجدية.
 قال وقد اشتدت ثورته:
 -إزاى بقى؟
 قلت له:
 -طب اسمعنى كويس.
 -أولاً: أنا أصدرت ما أصدرته من قرارات وأنا رئيس قانونى للشركة، وكان ذلك من حقوقى بل وواجباتى القانونية، ولم تكن سيادتك قد عينت بالشركة، وبالتالى، فليس من حقك أن تحاسبنى على قراراتى تلك أو غيرها. وهذا سلوك مرفوض. وأنا لا أقبله.
 -ثانياً: عبد القادر التلمسانى صديقى فعلاً، ولكنه ليس رجلاً من الشارع، بل هو من أكبر المثقفين السينمائيين فى مصر، وهو مخرج تسجيلى كبير، وخريج أعظم معهد سينمائى فى فرنسا. وكونك لا تعرف قدرة، فهذا ليس ذنبىن وضمه إلى العاملين بالشركة يعتبر كسباً كبيراً لها، وكونك لا تقرنى على تعيينه لا يعنى أنك على صواب، وكل ما يمكنك عمله الآن، أن تصدر قراراً بفصله، وأن تتحمل مسئولية هذا القرار.
 -ثالثاً: وحيد جرانه المحامى، كان معيناً فى الشركة قبل رئاستى لها بسنوات، وهو شخص كفء فى عمله، ويمكنك الآن أن تفعل به ما تشاء.
 -رابعاً: عبد الرحمن الخميسى، من أعظم الشعراء والكتاب فى هذا الجيل، ولا يجهل قدره إلا جاهل، وهو أعظم من يستطيع المشاركة فى تأليف حلقات من ألف ليلة وليلة، وقد قرأ الجيل كله إبداعه فى إعادة صياغة هذه الملحمة ونشرها فى جريدة المصرى. وعقد المقاولة لا يلزم الشركة بشئ، إذ تستطيع أن تتجاهله وتعدل عن إنتاج هذا المسلسل تماماً. واسأل أى رجل قانون.
  قلت هذا، ثم وقفت، واستدرت، وأعطيته ظهرى، وخرجت من الغرفة. ولحق بى أحمد المصرى، واستوقفنى أمام باب الحجرة وهو يقول:
 -انت زعلت؟ ماليكش حق تزعل، ده الدكتور عبد الرازق راجل طيب وقلبه أبيض، بس هو عصبى حبتين.
 قلت له وأنا أرفع صوتى:
 -عصبى ولا مش عصبى، أنا مش مراته علشان يتعصب على.
 قلت هذا وانصرفت.
 ...
 أدركت أن حسن فؤاد، وبعده سعد كامل، حين تحمسا لترشيح عبد الرازق حسن لرئاسة الشركة الموحدة للإنتاج السينمائى، كانا قد ارتكبا خطأ جسيماً، دفعت السينما، ودفع الدكتور ثروت عكاشة، ودفع اليسار ثمنه غالياً.
 كانت مقاييس هذا الاختيار ضلحة وسطحية. قد يكون عبد الرازق اقتصادياً ومؤهلاً للعمل الاقتصادى أو لتدريس الاقتصاد فى الجامعه، ولكنه كان شخصاً ضحل الثقافة جاهلاً كل الجهل بالسينما التى جاء ليصلح من شأنها. فالسينما هى فن قبل كل شئ، والإنتاج السينمائى ليس كأى إنتاج، ليس كإنتاج الطوب الطفلى أو الرملى أو الخشب الحبيبى أو السماد الكيماوى، والعاملون به ليسوا كالعاملين فى تلك الفروع من الصناعة، بل هم قوم فنانون لهم طبيعتهم الخاصة. وهذه مشكلة إسناد الإدارة إلى التكنوقراطيين، بغير مراعاة لطبيعة المجال الذى يكلفون بإدارته. وكون عبد الرازق اشتراكياً أو ماركسياً ليس مبرراً كافياً للاعتقاد بكفاءته وقدرته على قيادة هذا المجال.
 وفى خلال شهرين أو أقل، نال الدكتور عبد الرازق حسن، بغض ورفض واستهجان السينمائيين والعاملين فى القطاع العام السينمائى، ولاحقوه بالسخرية المتواصلة. وساعدت تصرفاته على ذلك.
  جاءنى سعد الدين وهبة غاضباً ذات يوم، وقال لى:
 -شفت صاحبك المجنون عمل معايا إيه؟
 سألته: -عمل إيه؟ قال لى
 -رحت أقبض مرتبى النهاردة، فقال لى موظف الماهيات إنه لم ينزل لى مرتب فى كشف الماهيات، بأمر الدكتور عبد الرازق حسن.
 ذهبت إلى عبد الرازق حسن وسألته: هل أصدرت أمراً بوقف صرف مرتبى، فقال:
 -أيوه يا سيدى. ثم أنك يا سيدى ليس لك مرتب أصلاً. فسألته:
 -يعنى إيه ماليش مرتب؟ فقال لى:
 -إنت لم يعد لك مصرف مالى. أنت كنت معينا رئيساً لمجلس إدارة إحدى شركات الإنتاج، وقد ألغيت هذه الشركة، وأصبحت أنا رئيس مجلس إدارة الشركة الجديدة التى حلت محلها. وبالتالى فلم يعد لك مصرف مالى. وهذه هى القواعد المالية والمحاسبية.
 قلت له:
 -وأنا أعمل إيه دلوقت؟
 قال:
 -وأنا مالى. أعمل اللى تعمله.
 وقال سعد:
 -وأنا جيت أسألك بصفتك اشتراكى وشيوعى زيه، أعمل إيه؟
 قلت له ضاحكاً:
 -أيوه أنا اشتراكى وشيوعى، ولكن من فضلك ماتقولشى إنى زيه.
 رأيى إنك تروح للوزير، وما تطلعش من عنده إلا وانت قابض مرتبك، وإلا تروح تقدم بلاغ للنيابة، فما فعله عبد الرازق جريمة يعاقب عليها القانون.
 وقد ذهب سعد إلى مكتب الوزير، وروى له ما حدث، فأمسك بسماعة التليفون، وكلم عبد الرازق، وأمره بصرف المرتب إلى سع وهبه فوراً. وقد كان.
 فى يوم آخر، جاءنى عبد الرحمن الشرقاوى، ومعه عبد الرحمن الخميسى، وكان الشرقاوى غاضباً وثائراً وقالى لى:
 -شفت ابن الكلب عمل إيه؟
 فسألته:
 -عمل إيه؟ فقال لى
 -حولنى على التحقيق، لأنى لا أوقع على كشوف الحضور والانصراف، إذ أننى مقيد بقائمة العاملين بالشركة، وهذا قرار صدر من الوزير.
 -قلت له:
 -مش معقول. ناقشه فى الأمر. فلا أظنه جاداً.
 فطلب منى أن أطلبه تليفونياً حتى يكلمه. وطلبت رقم تليفون عبد الرازق، وكنت لا أكلمه تقريباً ثم قلت له:
 -صباح الخير، أنا محمود توفيق، عندى عبد الرحمن الشرقاوى، وهو يريد أن يكلمك، أتفضل، ثم ناولت السماعة للشرقاوى، وسمعته وهو يقول:
 -أيوه أنا عبد الرحمن الشرقاوى. ثم يقول بعد برهة وجيزة:
 -الله يلعن أبوك ابن كلب حمار. ثم وهو يضع السماعة بعنف وذهب الشرقاوى شاكياً لنجيب محفوظ وللوزير. وحين قابلت الوزير بعد ذلك قلت له:
  -الشرقاوى الذى كتب المسرحيات الشعرية الرائعة: جميلة بوحريد، والفتى مهران، ورواية الأرض، هل يكلف فى عهدك بالوقوف فى طابور صغار الموظفين ليوقع على كشوف الحضور والانصراف؟
 وهز الدكتور ثروت عكاشة رأسه نافياً، وقال:
 -لا طبعا.
 وشن السينمائيون حملات تشهير مستمرة على عبد الرازق حسن، وأطلقوا عليه الكثير من النكات التى تدور كلها حول عصبيته وضيق أفقه، من ذلك شائعة تقول إن عبد الرازق كان يطلع على الميزانية التقديرية لأحد الأفلام، وكان الفيلم ريفياً، فوجد فى بند المصروفات بنداً بمبلغ ثلاثة جنيهات، ثمن لبده رأس للبطل، فسأل المنتج:
 -ليه هو مافيش لبدة فى المخازن؟
 أجابه الرجل:
 لأ فيه لبد كتير، ولكننا جربناها كلها فلم نجد فيها لبده على مقاس رأس البطل، شكرى سرحان. فلابد من شراء لبدة أخرى.
 فقاطعه عبد الرازق:
 -لأ يا سيدى، غيروا بطل الفيلم، وهاتوا واحد راسه على مقاس لبدة من اللبد الموجودة.
 وللأمانة- لم أعرف وقتها وحتى اليوم، هل وقعت هذه الحادثة فعلا، أم هى من تشنيعات سعد وهبة على عبد الرازق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق